محمد جمعة خان

محمد جمعة خان

محمد جمعة خان

ولد محمد جمعه خان بالمكلا عام 1323هـ لأم حضرمية دوعنية وأب هندي بنجابي استقدمه السلطان عوض بن عمر القعيطي فيمن استقدم من هنود لينضموا الى جيشه المقاتل اثناء الحروب القبلية التي دارت بين يافع وآل كثير وتعلم محمد جمعه خان مباديء القراءة والكتابة في احدى كتاتيب العاصمة المكلا وجد محمد جمعه خان نفسه يولد في الموسيقى حينما ولد في اسرة تحب الغناء والطرب وقبل ان يبلغ العاشرة من عمره كان مولعا ولعا شديدا بتلاوة سور القران القصيرة وترديد المحفوظات والاناشيد المدرسية بيد انه كان قائدا موسيقيا صغيرا في صفه ولعل الصف كان مدرسته الموسيقية الاولى التي ترعرع فيها ويكبر الطفل وتبدأ الالحان تدور في دمه وما ان بلغ الخامسة عشر من عمره حتى كان قد انضم الى الفرقة الموسيقية السلطانية التي كان يقودها ضابط هندي يدعى عبداللطيف براتب شهري مقداره ثلاثة ريالات وظل يعمل في هذه الفرقة طوال مايزيد عن تسع وعشرون سنة ترقى اثنائها الى رتبة " باشجاويش " وتولى ادارة الفرقة وقيادتها بعض الوقت وفي هذه الفترة تمكن من العزف على الآلات الموسيقية الوترية والنحاسية وعلى الة القنبوس الشعبية تحت اشراف مطرب شعبي من تلاميذ مدرسة الشيخ سلطان بن الشيخ علي وهو سعدالله فرج وقد ساعدته موهبته الاصيلة واستعداده الفطري على اجادة الالحان الحضرمية التي تلقاها من المطرب سعدالله فرج او تلقفها من مصادر اخرى ميدانية .

كانت الالحان التي تعزفها الفرقة السلطانية بقيادة الهندي عبداللطيف الحانا غربية او هندية فقط ولم يكن للاغاني المحلية اي نصيب من اهتمامها ولذلك تأثر الاستاذ محمد جمعه خان بالاغاني الهندية على وجه الخصوص والتي كان الناس يفضلونها ويقبلون عليها اقبالا شديدا الا انه _ الاستاذ محمد جمعه خان _ عندما تولى ادارة الفرقة بعض الوقت كما اشرنا اخذ يطعم الفرقة لاول مرة في تاريخها بالالحان الشعبية بعد ان تخلصت من بعض اعضائها الهنود وانضم اليها بديلا عنهم بعض ابناء البلاد .

اتجه الاستاذ محمد جمعه خان الى احتراف الطرب عقب تقاعده عن العمل في فرقة الموسيقى السلطانية فكون فرقة خاصة به في الوقت الذي ظهر فيه العود " الكبنج " والدف لاول مرة في حضرموت وكان علي عبدالله التوى قد قدم بهما من عدن فاخذهما منه الاستاذ محمد جمعه خان وبدء يعزف الحانه على هذه الآلة الموسيقية الجديدة والتي بظهورها اختفت الة القنبوس القديمة مع المراويس وحل محلها العود والدف والرباب الذي اصبح مكملا لفرقته الموسيقية وازدادت اهتمامات الاستاذ محمد جمعه خان بالوان الغناء الحضرمي ومنها الموشحة الحضرمية لما في هذه الالوان من سحر وروعة وجمال فأخذ يقتبس من هذه الالوان الغنائية ويصبها في قوالب توقيعية جديدة راقصة وكان موفقا كل التوفيق في انتاج مجموعة كبيرة منها احتلت جماهيريا مكان الصدارة بالنسبة لألحانه الهندية الوافدة .

والى جانب ماتقدم اهتم الاستاذ محمد جمعه خان بالاناشيد الدينية بعد ان لمس التنافس الشديد بين الفرق الدينية في المكلا والشحر وغيرهما واكتشف ان هذه الاناشيد يمكن ان تكون مصدر استفادة فصار يتتبع اخبار هذه الفرق والحانها ويحضر جلساتها وكان كثير الاتصال بالشيخ عبدالله صالح باعشن أحد المنشدين وقد اخذ الاستاذ محمد جمعه خان عددا من هذه الاناشيد وحوّرها وطوّرها وادخل الآلة الموسيقية عليها والجدير بالتنويه ان الاستاذ محمد جمعه خان كان بارعا بالعزف على آلة العود متمتعا بصوت جميل يقطر عذوبة و وضوحا بحيث يستطيع المرء ان يكتب القصيدة التي يغنيها دون عناء او مشقة وقد مكنه كل ذلك من ان يصبح المطرب الوحيد الذي لا منافس له في ربوع حضرموت وطارت شهرته الى كل بلاد اليمن والجزيرة العربية وافريقيا وقد استغل حسين احمد الصافي هذه الشهرة فاستقدمه الى عدن حيث تعاقد معه على تسجيل ثلاثين اسطوانة من اغانيه كان لها رواج كبير ومن هنا انهالت عليه الدعوات الفنية من سائر عموم افريقيا من المهاجرين اليمنيين وكان يجد من لدنهم كل حفاوة وتقدير وبعد فترة قصيرة استدعى مرة اخرى الى عدن فسجل " لمستر حمود " اربعين اسطوانة وحوالي ستين اسطوانة " لعزعزي فون " واثنتي عشر اسطوانة لعيدروس الحامد وفي اخريات ايامه استدعاه الاستاذ حسين الصافي مدير اذاعة عدن حيث سجل له مجموعة من اغانيه المحبوبة لدى المستمعين وهكذا استطاع هذا الفنان المطبوع ان يصقل تالغناء الحضرمي ويبعث فيه الحياة ثم ينشره ويمنحه الخلود .

كانت معظم كلمات الاغاني الحضرمية في ذلك الزمن تمثل بالاضافة الى الغزل والنواحي العاطفية شؤون السياسة والاجتماع وكان التدخل الانجليزي يومئذ قد ظهر يشكل سافر واصبحت الحالة السياسية والاجتماعية في شبه انقلاب والناس في حالة غليان وعصيان ضد هذه الاوضاع البالغة التردي ومن هذا النوع من الاغاني التي لحنها الاستاذ محمد جمعه خان :

ياوعل طالت ميرحك

منك تعب كل رامي

ياذا الجراد المعلي

لارضنا ايش جابك

فارس من القبلة نشر ( لسبنز )

ولعاد بايسمع بغاها الانقريزيه

جاب القنابل قالوا والعسكر

من لاحضر دخلوا بهم والمحكمة حقه بسيئون

كان الاستاذ محمد جمعه خان يؤمن كل الايمان با الكلمات الرديئة لايمكن ان تصنع فنا عظيما وكان كثير الاعتزاز بفنه بوصفه جزءً من كرامته وكبريائه واذا كان متسامحا فانه لايتسامح اطلاقا مع اي محاولة ترمي الى تشويه اعماله الفنية او النيل من سمعة فنه لقد تزوج زواجا مبكرا وتحمل مسؤوليات الزوج والأب وهو لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره وكان في حياته اربع من النساء خلف من واحدة منهن ثلاثة ابناء ومات بعد حوالي عامين من مرض عضال الزمه الفراش وكانت وفاته في 25 ديسمبر 1965

وفي ذكرى وفاة الفنان الخالد محمد جمعه خان اورد الكاتب عزيز الثعالبي في مقالة في صحيفة 14اكتوبر،ديسمير79م عبارات للبحاثة القدير الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف قال فيها ان الفنان محمد جمعه خان يمد لحن الاغنية وكلماتها بروح من عنده . يقيم به جسرا من البهجة والسرور يربط بين الحس الموسيقي في السامع وبين الفيض الفني الصادر عنه هو : انه لم يكن من اولئك المعيدين الذين تنبو عنهم العين ويندم على لقياهم النديم ولم يكن من اولئك المغنين الذين يقيمون بينهم وبين المستمعين سدا منفرا من قبح المنظر وكثافة الطبع